ولما اتصل هذا النبأ بالريفى المذكور وكان من أشد الناس عداوة لصاحب الترجمة، بادر للإعلان بنصر زين العابدين وتبعه على ذلك من كان معه من العبيد، وطيروا الكتب لإخوانهم الذين بمكناس بتعجيل رفض بيعة المترجم من أعناقهم، والبيعة لصنوه المذكور.
ولما وصلت إليهم تلك الرسائل ارتأوا أنه لا يتم لهم أمر إلا بموافقة الودايا وأهل فاس معهم على ذلك، فكتبوا لهم بشرح ما أصاب الناس من الضيق والحرج بتراكم الأهوال والفتن، ورغبوا منهم الدخول معهم فيما راموه وأبرموه، فأجابوهم برفض ذلك المطلب وإلغائه محتجين بأن بيعة المترجم في أعناقهم لا يبيح لهم الشرع خلع ربقتها.
وفى ثانى ربيع الثانى خيم المترجم بدار الدبيبغ الشهيرة خارج فاس، حيث المدينة الجديدة اليوم، فاستقبله الودايا وأهل فاس وشرح لهم ما تحقق لديه مما أضمره العبيد له فأجابوه بأنه لا سبيل لرفض بيعته، وأن طاعته لازمة لهم.
ثم انتصر حزب العبيد وأعلنوا بخلع صاحب الترجمة والبيعة لصنوه زين العابدين، وذلك يوم الأربعاء تاسع عشرى ربيع، فكانت دولة المترجم في هذه المرة من اليوم الذى بويع فيه وهو الخامس عشر من ذى القعدة عام اثنين وخمسين إلى اليوم الذى خلع فيه وهو الأربعاء تاسع عشرى ربيع من عام أربع وخمسين، عاما واحدا وأربعة عشر يوما وهى الدولة الثالثة له.
وفى ثالث عشر رمضان عام أربعة وخمسين ومائة وألف، أعلن العبيد بخلع زين العابدين مار الترجمة، واستئناف البيعة لصنوه المترجم، وهو يومئذ بالقبائل البربرية، وبويع له بالعاصمة المكناسية بمحضر الشرفاء والعبيد وإلأعيان، وتمت له