وفى العام نفسه اختط المترجم دار الدبيبغ الشهيرة بضواحى فاس، وفيه بعث القائد محمد الكعيدى اليازغى كبير أهل الديوان لجباية الأموال المترتبة بذمم الحياينة وغيرهم، فقتله الحياينة مع من كان معه من الأصحاب بالموضع المعروف بعين مديونة، وذلك في ثانى عشرى ذى الحجة منصرم العام.

وفى اليوم نفسه اتصل بالمترجم وهو يومئذ بفاس خروج الباشا أحمد بن على الريفى من طنجة ووجهته القصر الكبير في استعداد زائد، فانهض لمقاومته وصده عن القصر جيشا جراراً من عبيد الرمل وذهب هو للعاصمة المكناسية، فخان القواد ومن في قلبه مرض ولحقوا بالريفى المذكور ورجع الباقون إلى مكناس وانحل الأمر، ولما نزل القواد الخائنون ومن في حكمهم إلى الريفى، أكرم مثواهم ونزلهم ووصلهم واقترح عليهم الكتب لإخوانهم الذين بمشرع الرمل بالقدوم عليهم لديه، ونكث بيعة صاحب الترجمة، ووعدهم على ذلك بمال جزيل.

واتفق أن كان ذلك غب زمن المسغبة، فأسعفوا رغبته، ووجهوا لإخوانهم يستقدمونهم، فوجدوهم ارتحلوا لمكناسة لما لحقهم من عيث جيرانهم سفيان وبنى مالك وبنى حسن والبربر، ولما حلوا بمكناسة تطاولوا على أهلها وضيقوا بهم أشد التضييق، واستباحوا الأموال والأعراض، ونزعوا عن وجوههم جلباب الحياء، حتى انجلى عن البلاد كثير من أهلها وتفرقوا في البلاد، ولم يقتصر العبيد على أذى أهل المدينة بل مدوا يد الطغيان والظلم والتعدى في ما جاورها وعثوا في السابلة، ولما اشتعلت نيران الفتن وعجز المترجم عن رِتق ما انفتق، جمع عياله وماله ووجه بذلك لفاس، وكان وصوله إليها ضحى يوم الخميس الموفى ثلاثين من ربيع الأول على الأصح، واجتمع رأى أهل النقض والإبرام على خلع المترجم لعجزه عن الدفاع، والمبايعة لصنوه زين العابدين سابق الترجمة، وقد كان عند الباشا أحمد الريفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015