إلى أن بلغ لبلاد تامسنا وأقام هنالك حتَّى تلاحق المتأخر بالمتقدم، ثم نهضوا وساروا إلى أن خيموا بتساوت، وأقاموا هنالك إلى أن لحق بهم المترجم في فاتح ربيع الثَّاني في جنود جرارة، واطمأن بعضهم لبعض، ونشطوا للقتال، واستعدوا للنزال، أخذاً بثأر إخوتهم.
ثم نهض بهم المترجم إلى ناحية وادى تانسيفت، فوجد صنوه أبا النصر قد حال بجنوده الحوزية بينه وبين الماء، ولما التقى الجمعان ببوكر كور وتسعرت نيران القتال وحمى الوطيس تقدم الباشا بوعزة المذكور وقد كان على الميمنة للطعن والنزال، واقتفى أثره ابن النوينى وقد كان على الميسرة، ثم تبعهما صاحب الترجمة، وكان القلب والساقة، وكان انجلاء الملحمة بانهزام أبي النصر وأحزابه شر هزيمة، وذلك يوم الخميس فاتح جمادى الأولى من العام، ثم نزل المترجم على الماء واقتفى الباشا بوعزة أثر المنهزمين، إلى أن نزل على رأس العين، ومن الغد رجع إلى المحال السلطانية، وأقام المترجم بزاوية ابن ساسى نحو سبعة عشر يوماً.
وفى يوم الأربعاء متم جمادى الأولى من العام كانت وقعة كبيرة بـ (منزات) حضرها صنو المترجم المستضئ بنور الله بنفسه، وكانت الكرة عليه، فاعتصم هو وشيعته بجبال مسفيوة، ولولا ذلك لداستهم حوافر الجنود السلطانية، ولما أيقن المترجم بفشلهم وذهاب ريحهم أقلع عنهم وتوجه إلى دكالة فحصت جنوده منها كل شيء وأقام بها نحواً من شهر.
وفى آخر جمادى الثَّانية أقلع عنهم ووجهته مكناسة الزيتون مقر عرش والده، وكان وصوله إليها في منتصف رجب العام، وخيم بباب الريح خارج البلد، ولم يزل مخيمًا هنالك والوفود تفد عليه بالهدايا والبيعات من سائر الأقطار المغربية من عرب وبربر، وهو يقابل كلاً بما يليق ويصله على قدر حيثيته ومكانته،