وصاروا يظعنون ويقيمون إلى أن وصلوا للحضرة السلطانية، فأنزلهم منزلة تجلة وإكرام، ثم أحضرهم لديه ووجه اللوم على ما صدر منهم على الفقهاء، فاعتذر الكل بأنهم مرغمون على ذلك ممن لهم السلطة الاستبدادية من عبيد وودايا، فقال لهم ما قاله الصِّديق نبى الله لإخوته: لا تثريب عليكم فيما جنيتم، وعين عبد الله الحمرى عاملاً على فاس، ورد الجميع رداً جميلاً.
ثم استقدم العبيد بأجمعهم لحضرته، ولما قدموا عليه جمع جيوشاً عديدة من القبائل الحوزية، ثم عقد الرياسة على الجميع للقائد الباشا الزياني، ووصل الجميع وأوصى بالعدل والإحسان والبر والتقوى، ووجههم لحصار آكدير إلى أن يدخل أهله فيما دخلت فيه الجماعة فساروا إلى أن وصلوا لسيدى رحال إلى أن لحق آخرهم بأولهم، ثم نهضوا يطوون المراحل إلى أن خيموا على حصن آكدير، ولم يزالوا محاصرين له إلى أن فتحوه عنوة في سابع ربيع الثَّاني من العام واستولوا على جميع ما كان به.
وفى عاشر ربيع المذكور، وقعت ملحمة عظيمة بين الجيوش السلطانية والقبائل الحوزية مراكش ودكالة والرحامنة وزمران ومن انضاف إليهم من الأعراب والبرابر، كان الظفر أولاً للجيش السلطانى ولكنهم أضاعوا الأخذ بالحزم ونبذوا الاحتياطات اللازمة وراءهم ظهرياً، واشتغلوا بالنزاع على الغنيمة، حتَّى أتاهم من خلفهم المولى المنتصر بنور الله شقيق المستضئ بنور الله وحال بينهم وبين الأثقال والأخبية، وحاز الكل غنيمة باردة ورجع من حيث أتى.
أما الجيش السلطانى فكان منه من لحق بصاحب الترجمة، ومنهم من بقى بآكدير حتَّى يصدر إليه الأمر العالى بما يكون عليه عملهم، وقد كان من بقى من عبيد مشرع الرمل بمحل استيطانه من المشرع المذكور أنهضوا منهم جيشاً ثانياً رأسه الباشا بوعزة مولى الشربيل، وتوجه للحضرة السلطانية ليكون ردفاً للأول، وسار