للقيام بنصرته، فقابل مطلبهم بالرفض قائلاً: لا غرض لكم إلَّا أن تجعلونى طريقاً موصلة لإذاية المسلمين، والتوصل لأكل أموال العجزة والمستضعفين بالباطل وردهم بخفى حنين.

ثم بعد ذلك بدا للمترجم الرجوع إلى المغرب، فنهض من تافيلالت وسار إلى أن بلغ تادلا ثم آيت عتاب، فاجتمعت عليه قبائل تلك الناحية وهادوه واستبشروا بطلعته، وبقى هناك يستطلع أخبار فاس ومكناس وما والاهما، ويبحث من أحوال إخوته مع العبيد إلى أن تحقق لديه اجتماع الكلمة عليه.

واستؤنفت إليه البيعة فعلاً على يد القائد بوعزة مولى الشربيل، وذلك يوم الاثنين الخامس عشر من ذى القعدة عام اثنين وخمسين على الأصح، وقيل يوم الجمعة، وهو يومئذٍ ببلاد السراغنة، ولما تم له الأمر وجه للمترجم فئة عظيمة من أعيان العبيد لإعلامه باستئناف البيعة له، ولما لحقوا به أنزلهم منزلة تجلة وإكرام، وأقاموا معه ببلاد السراغنة أياما، ثم أنهضهم لناحية سيدى رحال مع الباشا الزيانى ومكثوا ثمة بضعة أيَّام، ثم أصدر أوامره بحصار اكدير فأجابوا بالسمع والطاعة وصارت تفد عليه الوفود من سائر الأصقاع المغربية يطلبون عفوه وأمانه، فأمن الجميع وقابل بالعفو والإحسان.

وفى حادى عشر ذى الحجة منصرم العام أمر رؤساء العبيد أشراف فاس وعلماءها وأعيانها بالتوجه لتقديم الطاعة لصاحب الترجمة، فأجمعوا أمرهم من فاس أول عام ثلاثة وخمسين، ينتظم ذلك الوفد من القاضي أبي العباس أحمد بن على الشعراوى، والعلامة أبي عبد الله محمد الزيزى، وأبى حفص عمر بن إدريس الإدريسى، وصنوه المولى أحمد وابن عمهما أبي عبد الله محمد بن عبد الله المدعو الغالى، ونحو الأربعين من الرماة والأعيان في طليعتهم شيخ ركب الحاج وهو الخياط عديل ورؤساء العبيد والودايا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015