وفى خامس ذى الحجة أقيمت بمصلى بباب الفتوح، وخطب الورزيزى أيضاً ولم ينزل المطر، وحينئذ اختل النظام وشاع الفساد وحصلت المجاعة العظيمة، ومات بالجوع من لا يحصى، وقل الإدام وانقطع اللحم.

ولم يزل الأمر في شدة، وازدادت الفتن وفر النَّاس، فعند ذلك أتى القائد العباس بورمانة أكبر رؤساء جيش أبي عبد الله بن عريبة صنو المترجم وقال له: إن البربر عثوا، ولم يبق التفات للأمير، فخرج في خيله ورجله ووقع قال شديد بين جنود ابن عريبة والمترجم وأحزابه البربرية بسايس من الزَّوال إلى الاصفرار انجلى بهزيمة بورمانة وجموعه، وتركوا جميع مقوماتهم واستعداداتهم غنيمة، ولو أن الظلام حال بينهم وبين جنود المترجم لاستأصلوهم قتلاً وأثخنوهم جرحاً.

وقام عدة ثوار كل يدعو لنفسه ويحاول جر النَّار لقرصه والاستيلاء على ما بيد غيره، استولى الحوات على عبيد الرمل وبنى مالك وسفيان والطليق والخلط وما وإلى ذلك، واستولى الباشا أحمد الريفى على الفحص، وبلاد غمارة، وطنجة، والقصر وما حول ذلك من المعاقل وعلى بلاد الريف وجبالها وقلاعها إلى ناحية كرسيف، واستولى القائد القلعى على بنى يازغة وما والاها.

أما المترجم فقد كان تحت سلطنته الصحراء، وسوس، ومراكش، والبربر، وقد نص التاريخ على أن هذه الفتن لم تكن في هذه السنة بالمغرب فقط بل عمت سائر أقطار العالم.

ولما طال مقام صاحب الترجمة بين أظهر البربر ينتقل من أغوارها إلى النجود، والفتن قائمة على ساق، والقحط ضارب أطنابه، سار لتافيلالت وصار يترقب ما تنجلى به تلك الغياهب.

وفى رجب عام خمسين ومائة وألف: بلغ ثمن وسق القمح مائة مثقال، قال ابن إبراهيم الدكالى في تقاييده: بعد أن كان في الرخاء بخمسين أوقية والشعير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015