وبخارج الباب الشمالي من هذا المسجد توجد مدرسة تحتوي على بيوت ستة وثلاثين عن اليمين والشمال بوسطها خصة لطيفة وبئر، وبآخرها قبة بديعة الشكل كانت على جانب من الزخرفة والنقش عظيم، وبهذه المدرسة منار المسجد المحدث عنه، كما يوجد خارج الباب الجنوبي مرحاض حافل محتو على خمس وعشرين مِيضَأَة، بوسط صحنه صهريج للماء مستطيل كان في غاية اللطف، وخارج هذا المرحاض في جداره الشرقي صهريج مستطيل طوله نحو المترين منحوت في حجرة واحدة، ومع الأسف فقد أصبحت بهجة ذلك كله في خبر كان، ومدت الأيدي العادية لاختلاس مَائِهِ.
وقد كان السلطان المولى الحسن في عزمه إحياء هذا المعهد الإسلامي الذي هو من آثار أسلافه الكرام وأياديهم البيضاء ورده إلى شبابه وشرع في ذلك بالفعل ولكلن حالت المنية بينه وبين بلوغ مراده، ولولا تلافيه بجبر بعض ذلك الصدع لخرت سقوفه ولأصبح أحدوثة في خبر كان.
ومن تأسيسات الأمير سيدي محمد هذا قصره البهيج الموسوم باسم الدار البيضاء محل المدرسة الحربية الآن المعدة لتعليم ضباط المغاربة، أسس بهذا القصر الشامخ مسجدا منتظما من صفوف أربعة وصحن، وجعل له منارًا ومستودعا لوضع آلات التوقيت، وأسس بجانبه الشرقي مدرسة لطيفة وأحاط السور بالفسيح الطويل العريض المعروف باسم أجدال، وأسس بصدر هذا الفسيح قبة مرونقة بديعة على جانب من الإتقان والتزويق مكين، وجعل بإزائها حماما له باب ينفذ إليها وكنيفا، وكل ما يحتاج إليه من منافع ومرافق بحيث لا يحتاج القاطن فيها إلى الخروج منها لما تدعو إليه الحاجة اللازمة للإنسان أعد هذه القبة لفسحته، والجلوس لسماع مظالم رعيته، وأعد البسيط المذكور أمامها لرعي إناث الخيل العتاق أطلقها تغدو في مروجه وتروح إذ كان له ولوع تام بانتقاء الصافنات الجياد، وجلبها من كل صوب، وتربيتها والإنتاج منها.