ومن تأسيسات السلطان الأعظم، والملاذ الأفخم، سيدي محمد بن عبد الله بقلعة مِكناسَة عاصمة ملك جده المولى إسماعيل المسجد الأزهر، الرافل في حلل الأبهة والفخار، ذلك المسجد الحافل الفاخر المعروف اليوم باسم جامع الأروى، وكان تأسيسه له عام تسعة وثمانين ومائة وألف، وشاهد ذلك ما هو منقوش في الجبص على يمين المحراب وشماله ودونك لفظه:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا محراب مبارك سعيد قد بناه بمسجدنا سيدنا ومولانا المنصور بالله المحروس بعين رعاية الله المجاهد في سبيل رب العالمين، المتوكل على الله القوي المتين، محمد بن عبد الله ابن إسماعيل في عام تسع وثمانين ومائة وألف. اهـ.

ينتظم هذا المسجد من صفوف أربعة ذات أقواس محمولة على أربعة وأربعين سارية مبنية بالجيار واللبن، وصحن فسيح لا يوجد له نظير في القطر المغربي فيما أعلم، طول هذا المسجد ثمان وثمانون مترا ونيف، وعرضه ستون مترا، بوسط صحنه الرحب جابية من أصفى المرمر، وأعلاه من أكبر وأوسع ما أنت راء جوانبها الأربع أعني ما اتصل بها من الصحن مفروشة بزليج الرخام البديع، وباقي الصحن مفروش بالزليج الملون الفاتن الباهي.

ولهذا المسجد ثلاثة أبواب لعموم المصلين أحدها في الجهة الغربية، وثانيها في الجانب الشمالي، وثالثها في الجانب الجنوبي وبويب صغير بالجانب الشمالي من الصفِ الأول يختص السلطان بالدخول منه لكيلا يقع في ورطة تخطي رقاب المصلين، ومع الأسف فقد أهمل هذا المسجد إهمالا ليس عليه من مزيد حتى عشش فيه عرمرم الخراب والتلاشي والدمار وباض وفرخ، رغما عن كونه تقام فيه الجمعة والجماعة، وكونه من المعاهد الإسلامية السامية ذات البال، اندثر زليج أرضه ونبت الكلأ في صحنه، وتكاثف، ونبت الكرم في خشب سقفه الذي كان على جانب من الزينة والزخرفة عظيم، هذا فيما بطن منه، فما ظنك بما ظهر من سطحه إلى غير هذا مما لا أذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015