وفى يوم الثلاثاء السادس والعشرين منه وقع خصام بين بعض البوابين بباب الجيسة مع خديم من خدام الشرفاء أهل دار القيطون فضربوه، فلما سمع بذلك أصحابه الشرفاء تحزبوا، وانضاف إليهم جماعة وجاءوا لاشبارات من ناحية سيدى اللزاز من ناحية الطالعة، فلما وصلوا للقصبة الجديدة وتلاقوا مع محمد بن على ويشى قائد مولاى عبد الله، قالوا له: نحن لا نوافق على ما فعله أهل فاس، وما خرجنا إلَّا لهذا الغرض، فأعرض عنهم، وحينئذ اجتمع اللمطيون والأندلسيون بعد صلاة العشاء بالقرويين وتحزبوا على عدم نصر مولاى عبد الله، وشد السلطان في الحصار مدة من أربعة أشهر ولم يكن بين أهل فاس ومن حاصرهم قتال ولا رمى بكور ولا بمب ولا حفر مينة ولا طمع في الاستيلاء على المدينة، لأنَّ السلطان أوصاهم بعدم ذلك، وقال: إن ذلك لا يفيد في فاس شيئاً، وقد بالغت في الحصار الأول الذي قبل هذا الجهد وما حصل لي منى ذلك إلَّا تضيع الأموال والمشقة، وإنَّما يذعن أهل فاس المساكين من أهلها والضعفاء الذين لا يقدرون على الدفاع من أنفسهم شدة من الغلاء والجوع، هذا كله والسلطان بمكناسة يقتل من طغى من العبيد وتجبر هـ.
وفى يوم الثلاثاء سادس عشرى وقيل الثامن من جمادى الأولى عام تسعة وأربعين، اجتمع رأى أهل فاس والودايا ومن شايعهم على رفض طاعة صاحب الترجمة والبيعة لصنوه أبي عبد الله ابن عريبة مار الترجمة، وقد كان النَّاس سئموا الفتن وإتلاف الأنفس والأموال وضيق المعيشة وقطع السابلة وكلوا وملوا.
وفى الاستقصا أن بيعته كانت في خامس الشهر سنة خمسين. هـ.
ومن الغد الذي هو يوم الأربعاء أعلنوا بذلك ونادوا به في الأزقة والأسواق وكتبوا البيعة لابن عريبة المذكور، ومن توقف أو خالف في ذلك نكلوه، وإن كان موظفا عزلوه، وكان ممن آخر عن الوظيف لعدم إسراعه بالإجابة لما ذكر أبو عبد