خطيبها قاضى فاس كان بالحرم الإدريسى محترما، وأمَّا خطيب المقام الإدريسى فإنَّه كنى عنه ولم يصرح، وإنَّما قال: وانصر اللَّهم من بايعناه على طاعتك من أبناء السادات الشرفا، سمى جده والد المصطفى.
وخاض الناس في ذلك وكثر القيل والقال، واجتمع العلماء في المقصورة فانفصلوا عن غير فائدة.
وفى السادس والعشرين اجتمعوا أيضاً بمسجد اللبارين، فأمَّا الفقيه سيدى محمد بن عبد السَّلام بنانى، فقال للعامة: أخرونى حتَّى أراجع المسألة وأراجع كتب الأئمة، وأمَّا الفقيه السيد محمد الزيزى فقال لهم: طاعة السلطان واجبة، وإن تفاحش ظلمه فإنَّه متغلب ولا تقدرون على مقاومته، ومن قال لكم غير هذا فقد غشكم، وأنا لكم من الناصحين.
فهاجت العامة عليه، وهموا بقتله حتَّى تشفع فيه بعض الأشراف، وانفصل المجلس على ما ذكره بنانى ومن تبعه من التأجيل، ثم اشتد الغلاء فبلغ القمح عشرين مثقالا والشعير عشرة مثاقيل، وتحير الناس في أمورهم، وأراد اللمطيون أن ينصروا سيدى محمد بن عريبة وامتنع الأندلسيون.
وفى مهل جمادى الأولى تذاكر النَّاس في الصلح مع مولاى عبد الله على يد السيد أبي بكر بن محمد بن الخديم الدلائى، فلم يظهر لذلك أثر بعد أن كانوا نصروه على المنابر في الخطب.
وفى ثانى جمادى الأولى جاء القائد محمد مغوس المجاطى بقصد الصلح، ثم إنه وقع خصام بينه وبين الودايا فجرحوه، وذهب لمكناسة وتوفى بها في سابع الشهر المذكور.
وفى السابع عشر منه تناول أهل فاس صلحاً مع السلطان على يد زيان بن على ويشى رئيس المحلة النازلة فلم يكمل، لأنَّه اشترط عليهم شروطا لم يقبلوها.