تنظيم هذا المذهب النظري إلى "كارل ماركس"، ثم إلى "لينين" من بعده. ولا تؤمن الشيوعية بالعقائد الدينية أو المبادئ الأخلاقية، بل تعتبر الدين مخدرًا للشعوب حتى يستفيد رجال الدين بالتعاون مع أصحاب رءوس الأموال في تسكين ثورة الجوع والعري بالزهد والصبر.
ومن مواد قانون كارل ماركس: "لا إله"، و"الطبيعة مادة"، وترى الشيوعية أن القوى الكونية تسيرها الطبيعة، فأي حادث أمام قوة من القوى فهو حرب للطبيعة ومن الواجب تحطيمه؛ لتنطلق القوى الطبيعية على سجيتها، فالغريزة الجنسية مثلًا طبيعة في الرجل والمرأة، وأي حائل يعوق اتصال المرأة بما تشاء من الرجال حرب للطبيعة، فلا يعترف النظام الشيوعي بالأسرة وإنما يولد الجنين ولادة اللقيط، فتلتقطه الدولة ليُربى في دور حضاناتها، ويتعلم إلى أن يكبر وينتج لنفس الدولة، ومن عجب أن تعترف الشيوعية بالغريزة الجنسية، وتطلق لها العنان، لكنها في نفس الوقت لا تعترف بغريزة حب التملك، وهي آصَلُ من الغريزة الجنسية في طبيعة الإنسان فتميتها بالكبت القاتل.
إن هذا المذهب -كما يقول أحد دعاته- مجموعة من الأفكار ملأت الفراغ الذي نشأ عن انهيار الدين المنظم، نتيجة لازدياد تحول الفكر إلى الاهتمام بالأمور الدنيوية خلال الثلاثة قرون الماضية، وهو مذهب لا يُمكن محاربته إلا بعقيدة معارضة تقوم على مبادئ مختلفة كل الاختلاف عنه، ولكن الشيوعية بالنسبة لمعتنقيها لها قيمة الدين ما داموا يشعرون بأنها تزودهم بشرح كامل للواقع، والإنسان كجزء من هذا الواقع، لقد استغل "كارل ماركس" نار الحقد في قلوب العمال، وشهَّر بكل وسيلة باستغلال رجال الأعمال احتكار أوربا، وبدلًا من أن يدعو إلى القسط شحذ أسلحة الصراع الطبقي؛ فحارب كل امتياز بدعوى المساواة، ودمر الملاك باسم الاشتراكية.