وهكذا تتسع دائرة الاشتراكية حتى تصل إلى حضيض الشيوعية المسماة بالاشتراكية العلمية، التي تلغي الملكية الفردية للأرض، ولكل وسائل الإنتاج، ولكل النقود المالية، وتجعل هذه كلها ملكًا للدولة، وتقرر قاعدتها الشائعة "من كل بحسب طاقته ولكل بحسب حاجته"، فيحمل مروجو الشيوعية شعار الاشتراكية بين المسلمين مظهرين من دوائرها دائرة المستوى الأدنى، الذي قد لا يتنافى مع أحكام الإسلام. وينخدع بذلك منخدعون كثيرون من العمال والفلاحين والكادحين وموظفي الدولة، وبعض الطلبة الناشئين، وكل منهم يشعر أنه مظلوم في مجتمعه بكسبه، أو تُغيره الاشتراكية بكسب أفضل، وتتهيج ببريق هذا الشعار عواطف الفقراء والكادحين، ونوازع الحاسدين والحاقدين، ويظن البرآء منهم أن الاشتراكية لا تتنافى مع الإسلام، ثم بالتدريج يوسعون من دائرة المفهوم الاشتراكي شيئًا فشيئًا، حتى يبلغوا به الحضيض الأسفل أو قريبًا منه. ويومئذ تأتي التطبيقات الطاحنة، ويذوق المنخدعون بالأمس ويلات تطبيقات الشعار الذي كانوا قد فرحوا به، وطبلوا له وزمروا، وظنوا أن تطبيقاته ستجعلهم في بحبوحة من العيش، وستشفي نفوسهم من ظالميهم الإقطاعيين والرأسماليين والبرجوازيين.
لقد غرهم خداع هذا الشعار البراق، واستدرجهم بشبكته حتى قذفهم في جحيم التطبيقات الاشتراكية المشحونة بالظلم والعذاب.
فالاشتراكية ليست مذهبًا اقتصاديًّا فحسب أو حركة اجتماعية، لكنها نظرة شاملة للإنسان والوجود والتاريخ، فالنظام الاشتراكي يقوم على فلسفة مادية للحياة، ويتفاوت في تطرفه تفاوت المذاهب المختلفة، وترجع هذه المذاهب في تطرفها إلى المذهب الشيوعي الذي يستمد فلسفته من "هيجل" صاحب فكرة التطور، ويرجع