كما اندسَّ في الاستشراق يهود كثيرون ينافقون النصارى، ويخدمون سرًّا أهدافًا يهودية ضمن المخطط اليهودي العام، وظهر ضمن المستشرقين نفر عني بالدراسات الاستشراقية؛ رغبة في البحث العلمي المتجرد، دون أن يكون مدفوعًا بدافع تنصيري أو دافع استعماري، وكان من بعض هؤلاء إنصاف للحقيقة دون تحيز، وبعض هؤلاء المنصفين تأثر بالإسلام وبالحضارة الإسلامية، واستطاع أن يتحرر من تقاليده العمياء، وعصبيته الجاهلية فأسلم.
ثم اتسعت الدراسات الاستشراقية لأهداف متعددة اقتصادية وسياسية، وعسكرية، وعلمية، وغير ذلك واحتلَّ كثير من المستشرقين مراكز علمية مرموقة في الجامعات الغربية، وأوكل إليهم في هذه الجامعات أمر منح الشرقيين في العلوم الإسلامية والعربية الشهادات العليا، كالماجستير، والدكتوراه؛ بغية صناعة حملة شهادات من بلدان العالم الإسلامي طبق ما يريده المنصرون والمستعمرون. واستغل اليهود هذا المجال من مجالات الاستشراق استغلالًا واسعًا حتى أمسى عدد وفير من كراسي الأستاذية للدراسات الاستشراقية في الجامعات الغربية يحتله اليهود؛ يعملون لتحقيق أهداف اليهود، وهم يلبسون بين النصارى أقنعة مزورة، كما أن لليهود مندسين كثيرين في كل مجال من مجالات الاستشراق الأخرى بأسماء يهودية، أو بأسماء مستعارة.
فلا يعرف بالضبط من هو أول غربي عني بالدراسات الشرقية، ولا في أي وقت كان ذلك؛ ولذلك اختلف العلماء في تحديد البداية الحقيقية للاستشراق، ولكن من المؤكد أن بعض الرهبان الغربيين قصدوا الأندلس في إبان عظمتها ومجدها، وتثقفوا في مدارسها، وترجموا القرآن والكتب العربية إلى لغتهم، وتتلمذوا على