لأنفسهم وإدراكهم الجريء لقضاياهم وتحررهم فيقول: "طالما وجه إلى أعضاء الحركة وأصدقائها السؤال عما نعني بالرسالة الخالدة، وكنت دومًا أجيب جوابًا بسيطًا لهؤلاء الذين يظن أكثرهم أن رسالة العربية الخالدة هي حضارة وقيم معينة، يستطيع العرب في المستقبل -عندما يبلغون المستوى الراقي السليم المبدع- أن يحققوها وينشروها بين البشر".
إن كلام ميشيل عفلق في شرح الرسالات العربية الخالدة لا يحمل في أطوائه ذرة من منطق، فهذا الكلام لو قاله زعيم سياسي في أنجولا أو في الكونغو يصور به رغبات قومه في الحرية، ورسائلهم في الكفاح ما جاوز به وقائع أمته المتطلعة إلى مستقبل أفضل، لكن تسمية هذا الكلام شرحًا لمعنى الرسالة الخالدة هو الشيء الذي يستحق الضحك! أي رسالة خالدة شرحها هذا الكلام؟! إن الشيء الوحيد الواضح في هذه السطور هو صرف الأذهان بجرأة وإصرار عن الحضارة والقيم، التي تميز العرب بحملها طوال تاريخهم العريق، أي صرف العرب عن الإسلام والله -عز وجل- يقول للعرب في كتابه الكريم بعدما شرفهم بالإسلام: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110).
وهذه الجمل الواضحة تكشف للعرب عن وظيفتهم في الحياة ورسالتهم بين الناس: حراسة الفضيلة ونشر شعارها ومحاصرة الرذيلة وطي عارها، والالتفاف حول الإيمان بالله وحده وقمع الإلحاد والعوج، وتسخير قوى الأمة كلها لبلوغ هذه الأهداف الإنسانية، هذه هي رسالة الأمة العربية، فنحن لا نفهم من الرسالة أنها الحضارة التي لا نستطيع الآن تحقيقها، ولكننا نفهم من الرسالة ما ذكر في كتاب الله الكريم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} نعم تلك هي وظيفة أمة العرب في العالم مؤازرة الخير ومناصرة أهله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.