ومن الزاوية السلبية أيضا يمكن أن نتبين طبيعة الخطأ في قول أبي سنه نفسه، في قصيدة أخرى (?) :

قالوا أن كنت تحب

فلتحفظ كتب الحكمة

وليعرف عقلك كل الأسرار

ولتخرج لتصارع وحشا جبليا

يربض عند الأسرار

فالشاعر هنا يشير إلى " المعجزات " التي كلف القيام بها كي يثبت أنه جدير بالحب، وهو موضوع نجده في الأدب الشعبي في قصص " الشاطر حسن " وفي أساطير الأمم الأخرى، مثل الأعمال الباهظة الاثني عشر التي كلف بها هرقل في الأساطير اليونانية، وعند مقارنة ما يقوله الشاعر بما كانت تحويه تلك الأساطير والآداب الشعبية، نجد أنها قد تذكر من بين تلك المبهظات " مصارعة وحش جبلي "، ولكنها لا تذكر " حفظ كتب الحكمة "، إذ أن العاشق الذي سيحفظ تلك الكتب، ربما لم يعد في حاجة إلى أن يظل عاشقا، وغاية الشاعر هنا أن يقول أن بطل أسطورته مثقف، وأنه عانى كثيرا في سبيل الحصول على ثقافته، وقد كان يستطيع أن يعبر عن ذلك على نحو رمزي دون أن يبارح " الروح الجماعية " التي سجلها الأدب الشعبي على مر الزمن، فإذا كان الفولكلور من العوامل المؤثرة في الشعر الحديث فإنه؟ في هذا الموقف - قد مزج بما شوه روحه العميقة.

ومثل هذا خطأ جزئي، لا يضر كثيرا بعقيدة سليمة البناء، ولا يحرم الشاعر حق تسويغه كأن يقول: أنني أضيف إلى الفولكلور لأن هذه الإضافة تقوي الموقف الذي أتحدث عنه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015