ولكنك لا تلبث حين تتعمق النظر أن تدرك أنه كثيرا ما يعالج موضوعاته الواقعية من زاوية رومنطقية خالصة، نعم إن هذه الواقعية تجعله يحب " الحضارة الحديثة " مثلا ويمجد منجزاتها، ولكنك حين تسمعه يقول:

وصوت الآلة الحسناء يدعونا

تجد أنه ينظر إلى الآلة نظرة رومنطقية تامة، إذ أن هناك " آلة " وحسب، ولكن ليست آلة حسناء.

وعلى عكس ذلك يفعل أبو سنه في قصيدته " عصر الإنسان " (?) التي يحاول أن يقارن فيها بين منجزات العصر ومواطن النقص فيه، فيقول:

أغرس أعلامك فوق الكون

لكن عد للأرض

كي تبني قريه

يسكنها فقراء الهند

لتجفف أنهار الدم (?) الحمراء

ولتصنع مهدا للأطفال التعساء.

فكأنما هو يحاول أن يهون من قيمة انتصارات الإنسان على الطبيعة في هذا العصر، إذ يضع إلى جانبها في موضع المفارقة لفقر والتشرد وويلات الحروب وتعاسة الاطفال؛ والتعارض غير قائم، والأمران يؤخذان منفصلين كلا على حدة، لأنهما صادقان واقعيان ما داما منفصلين، لا حين يربطان معا في مقارنة نجتلبة، فهذا كمقارنة الناس؟ في الحياة اليومية - بين الصحة والمال، أو كمقارنة القدماء بين الغني الشاكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015