وتلمست حديد الجسر

كان الجسر ينحل ويهوي

صور تهوي وأهوي معها

أهوي لقاع لا قرار،

وفجأة اختفى القرين، وعزى صاحبه نفسه عن اختفائه بأنه " ربما عادت إلى عنصرها الأشياء وانحلت ضباب ". وتكفي هذه اللمحة ليدرك القارئ الجو الذي تحرك فيه القرين في قصيدة خليل، ومدى أهميته بالنسبة إلى المبنى الكلي في القصيدة، ومدى الإحكام، البناء، والدقة في الوصف للمواقف النفسية المختلفة، وكل ذلك ينبئ أن خليل حاوي إنما كان يزاوج بين وعيه النفسي العميق، وبين ثقافته النفسية الواسعة، وأن بعث القرين ليس خطرة، وإنما هو إلحاح فني حتمي من داخل حركة القصيدة ونموها المتصاعد. وقد تكون الدلالة السلبية - عند محاولة دراسة الاتجاهات الشعرية - أبلغ في كشف حقيقة الشاعر من الدلالة الإيجابية فقد تقول وأنت تتصفح ديوان سميح القاسم هذا شاعر واقعي، إذ أنك حينما وجهت بصرك وجدت مثل قوله:

سلاما يا سواعد اخوتي العمال

سلاما يا مداخنهم

سلاما يا ملازمهم

أو مثل قوله:

مادمنا نحيا

في عصر الإيقاع النفسي

فسأحمل فأسي

سأشج حماقات الأوثان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015