نجد لديه تحولات من اتجاه إلى آخر، في حقبتين مختلفتين من عمره، ثم أن كثيرا من العوامل التي ذكرتها آنفا قد تتداخل، وتصعب نسبة التأثير فيها إلى عامل دون غيره، خذ مثلا فكرة " الثورة " تجد لها مفهومات مختلفة عند الشعراء، منتمية إلى عوامل متداخلة معا، يعسر تمايزها أو الفصل بينهما، أو خذ مثلا فكرة " الرفض " تجد السريالي والوجودي يتفقان حولها إلى مدى ثم يفترقان، فإذا تحدث شاعر عن الرفض أو آمن به فالى أي المدرسين ينتسب؟

ثم أن استعمال مصطلح مذهب ما لا يعني تبنيه أو الانتماء اليه أو الإيمان به، وهذا واضح في قصيدة البياتي " مسافر بلا حقائب:، التي عرضت لها في افصل الثاني، دون أن تكون القصيدة تعبيرا حقيقيا عن معاناة وجودية؟ في الواقع وفي الانتماء -، وقد تقرأ قصيدة فتقع فيها على تطبيق تام لنظرية نفسية، دون أن يكون صاحبها ممن يعنى كثيرا بمذهب نفسي ما، وبإبراز أثره في شعره؛ من ذلك مثلا قصيدة " الأخضر بن يوسف ومشاغله " (?) لسعدي يوسف، فأنها تعبير عما يسميه بعض الدارسين " القرين " The عز وجلouble حيث يصور فيها انفصام القرين عن ذاته، مع المشاركة فيما بينهما في المسكن وشرب القهوة والحليب والملابس، بل حتى في مرافقة محبوبة واحدة:

نبي يقاسمني شقتي

يسكن الغرفة المستطيلة

وكل صباح يشاركني قهوتي والحليب وسر

الليالي الطويلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015