الطبيعي في ظروف غير طبيعية. فإذا قيل؟ من بعد - أن شعر المقاومة يتحدث عن الثورة، دون أن يكون شعرا ثوريا، فذلك تجاهل للظروف وللحقبة التاريخية، وللبراهين الفنية التي تتضح من الدراسة التفصيلية، دون الأخذ بالتعميم، والاحتكام إلى الفروض النظرية.

ورغم قوة هذا الاتجاه، وسيطرته على كثير من جوانب الشعر الحر، فأنني لا أنوي أن أتخذه منطلقا لهذه الدراسة، لأنه يضيق حدودها ويمنعها من الاتجاه إلى التأمل في تفريعات أخرى، فالدراسة حين تتناول الرومنطقية، تتحدد في فرعين كبيرين: رصد ما هو ومنطقي وما هو غير ذلك، ولكن حين يتسع اتجاه كبير، فمن الخير أن يدرس في تفرعاته المختلفة، حين يكون لكل فرع منها اثر بارز.

وكذلك يستحسن في هذا المجال الا تدرس الاتجاهات الشعرية مقترنة بالعوامل الكبرى التي ذكرتها آنفا: كأن يقال الاتجاه الماركسي أو الاتجاه الوجودي أو ما أشبه ذلك، فإن ذلك يعني أن دراسة كل عامل من هذه العوامل مع ما أتصل به من شعر تتطلب كتابا مستقلا، توضح فيه المميزات لكل عامل قبل البدء بالحديث عن صلته بالشعر، فتحدد على نحو حاسم؟ مثلا - جميع السمات التي تميز الفكر الماركسي أو الفلسفة الوجودية، وهذا يخرج كثيرا عن حدود هذه الدراسة الموجزة، كما أن الخطر فيه أن يتحول الشعر إلى دور الوثيقة الاجتماعية أو العقائدية، وهو أمر لا بد أن يمارس باقتصاد وحذر كبيرين، ثم أنني؟ في الواقع - لا أعتقد بأننا نلازم جانب الدقة حين نقول هذا اتجاه ماركسي أو ذاك اتجاه وجودي، وإنما الأصح أن يقال ثمة أثر ماركسي وأثر وجودي وما أشبه ذلك في جوانب من الشعر الحديث، وقد نجد لدى الشاعر الواحد مؤثرات مختلفة، كما قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015