يحيطان بالآلاف، وحين يلتقي الشاعر بصاحبته يطلب إليها أن " تحضنه "، والكوخ الصغير " مختبئ " بين أحراج الجبل، والحمام " رابض " في الأقفاص؟ ناظرا كان أو عائدا - وقوس قزح " يمتص " الغيمة، ومن ناحية أخرى " تلد " الريح الغمام والام الرحيمة ما تزال " تنجب "، وزوجة المستقبل ستلد " طلل " وموهبة الشاعر " ستلد " ديوان غزل، ووجه الوطن " ينكشف " عند أنحسار الليل. وبعبارة ثانية نجد أن القصيدة تخضع لإيقاع النشر والطي (أو ما سميته الاكتنان) والولادة.

ولعل الشاعر لم يفكر أن يبني قصيدته على أساس أسطوري، ولكن من السهل أن نجد فيها توافقا مع أسطورة أورفيوس الذي نزل إلى العالم السفلي ليجد حبيبته يورديسه، ويستعيدها.

ولنا بعد ذلك أن نأخذ على الشاعر شيئا من التناقض الظاهري حين يقول في قصيدته " صاروخا في وجه أحزاني القديمة " ثم يقول في موضع آخر " يبست حنجرتي ريح الهزيمة "، ولكن هذا التناقض لا يلبث أن يزول حين نتذكر أن تيبس الحنجرة يعني اليأس من الوسيلة الفنية وليس العجز عن الصراخ، كذلك يمكن أن نحاسبه على سرعة التحول من عالم الظلام الكثيف والضياع والتخاذل إلى عالم التشدد والتهوين من شأن الهزيمة، وعلى انصياعه لجوانب الرقة والوداعة دفعة واحدة، وكأنه يئس من النضال جملة، إلا إذا اعتبرنا أن الاتحاد الذي يسعى إليه لا يعني الاكتفاء الفردي، وإنما يرمز إلى اتحاد القوى في الداخل والخارج، للفوز بسلم مشرف يثمر أطفالا وأزهارا وطيورا.

أذن فإن ما سميناه بالانعطافة الرومنطيقية الحادة، كان محكوما بظروفه، وطبيعة العمل الثوري، ولم يكن الإغراق في العاطفية، هدفا فرديا فيه. بل كان هو الشكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015