لماذا كان المرجو طفلة لا طفلا، فإن ذلك يتمشى مع الوداعة المنتظرة التي سيحققها الفجر المرتقب، ومع جو " الطيور " أجمالا، فهذه الطيور التي فارقت " الأبراج " منذ عشرين عاما إنما كانت حمائم، وهذه الحمائم؟ في ظل الهزيمة - تبكي " الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص يبكي /والحمام الزاجل العائد في الأقفاص يبكي "، وسيكون " الطائر الدوري " الصغير من هدايا ذلك الاتحاد؟ مع زهرة رقيقة وديوان شعر رقيق؛ أن كل شيء يوحي بالجنوح إلى الرقة، والسكينة. ومع أن " الغيمة " تضيف إلى صورة هذه الوداعة الشاملة فإن لشاعر قد أستغلها في عدة مواقف، منها أن يظل في صورة نار وثنية " حتى تلد الريح الغمام "، والتعبير هنا غامض، لأنه قد يدل على الاستحالة، كما قد يدل على انتظار أن تلد الحرب سلما، ثم أنه يصدر أحزان الهزيمة في صورة " غيمة " تبددها الريح بسهولة، ثم أنه يحاول أن يجمع شبحي الواديين في " غيمة " واحدة ليشربها قوي قزح، فالغيمة بهذا المعنى الثالث ترمز إلى بقية الظلام العالق بالنفوس، وعلى هذا يبدو أن صورة " الغيمة " تخدم أغراضا متعددة عند الشاعر.

وفي سياق هذا التأمل يجدر بنا أن نقف عند استعمال الشاعر للفظة " الريح "، فالطفلة القديمة بيعت لريح حملتها عبر باب الليل للمنفى الكبير، والشاعر بذرته الريح، وللهزيمة ريح يبست حنجرته، وغيمة الهزيمة لا تحتاج حتى تنقشع إلا إلى هبة ريح، وهكذا تكون " الريح " أداة تغريب وتشتيت ونشر، ويقابل هذه الحركة العنيفة، حركتان متوازيتان هما: حركة التشرب والاكتنان وحركة الميلاد والعطاء؟ فالموت البطيء " يمتص " الشاعر، والملايين المائة تستكن في صدره، والمنفى الكبير والسجن الكبير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015