(2) هزة التعرف والتذكر: فجأة يسمع صوتا، أو لعله رأى شبحا، ولكن الظلام الذي يحيط به لم يمكنه من التمييز: ترى من تكون تلك التي نادته " يا حبيبي "؟ أهي أخت نسيتها أمه ليلة الهجرة الأولى (قبل عشرين عاما) ثم بيعت سبية، وضاعت " بين آلاف السبايا "؟ ترى من تكون، ليتها تجيب! وتنحسر الأعوام العشرون كأنها لم تكن فاصلا زمنيا، لتغمض عينيها عن " عار الهزيمة " فإن الشقي هو الذي يستطيع أن يحدق في ذلك العار، وليهربا معا إلى الذكريات، إلى الحديث عن " الغربة والسجن الكبير " وعن الأمل بانحسار الليل؟ الذي لم يزدد إلا أمتدادا وظلاما - وبزوغ الفجر، وعن كوخ يتخذانه عشا للحياة الزوجية الهادئة، ويتخذ هذا الهرب من الحاضر شكل حوار تستعاد فيه الذكريات التي زرعتها الأعوام العشرون:

قلت لي: في أي أرض حجريه

بذرتك الريح من عشرين عام

قلت: في ظل دواليك السبيه

وعلى أنقاض أبراج الحمام

قلت: في صوتك نار وثنية

قلت: حتى تلد الريح الغمام

جعلوا جرحي دواة، ولذا

فأنا أكتب شعري بشظية

وأغني للسلام!

ويختتم هذا المنظر بالبكاء، الذي قد يطفئ نار الهزيمة في العروق، دون أن يستطيع محو عارها.

(3) الدعوة إلى الاتحاد: يحدث تحول شديد في هذا المنظر إذ يتم الانتقال فيه من " أغمضي عينيك " إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015