وفي هذا اللون من الشعر تكبر الحقيقة، ويتسع مدى التجربة، وتشتد المعاناة، حتى أنها لتتنفس في أي شكل كان، أو بعبارة أدق: في أشكال متعددة، وإذا كانت وطأة التجربة بهذا العنف، لم نستطع أن نحاسب الشاعر، لأنه أختار لقصيدته شكلا دون آخر.

وأما المثال فهي قصيدة " عاشق فلسطين " (?) لمحمود درويش، وهي كالقصيدة السابقة في روحها من حيث الجمع بين الحزن المأساوي والصلابة، ولكنها تختلف عنها في أنها لا تتوجه إلى الجماعة، وأن كانت تنطق بألسنتهم، مع التسليم التام بأننا جميعا " لم نتقن سوى مرثية الوطن " وأن الوطن يتطلب شيئا آخر غير المرثية، وحين تتحد المحبوبة والبلاد في الخطاب نحس بأن " الرومنطقية " في شكلها الجديد، تستطيع أن تغلغل إلى أعماق لم تكن تستطيعها في شكلها القديم:

رايتك أمس في الميناء

مسافرة بلا أهل؟ بلا زاد

ركضت إليك كالأيتام

أسأل حكمة الأجداد

لماذا نسحب البيارة الخضراء

إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء

وتبقى رغم رحلتها

ورغم روائح الأملاح والأشواق

تبقى دائما خضراء!

وأكتب في مفكرتي:

أحب البرتقال واكره الميناء

واردف في مفكرتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015