وأهديكم ضيا عيني

ودفء القلب أعطيكم

فمأساتي التي أحيا

نصيبي من مآسيكم

عندما يقول ذلك نشعر أن هذا الوتر الرومنطيقي الذي يعزف عليه الشاعر قد حشد له كل المعاني التضحية، وأنه ليس شيئا فرديا، وأنه ليس استغراقا في الحلم الذاتي الخالص، وإنما هو العيش في سبيل الجماعة والموت أيضا في سبيلها، وقد اجتمع إلى ذلك، تعبير باللغة البسيطة العادية التي تحبها تلك الجماعة، وتستطيع أن تتجاوب معها. وبين الاعتزاز بالصلابة خلال سنوات طويلة من الظلم والاضطهاد، والفناء في حب الوطن، والذوبان في الجماعة، والتمسك بكل ما يربط الشاعر بالجماعة من مجد تراثي، وفوكلور جميل، نحس أن الرومنطقية لم تعد " مرضا " فرديا، وإنما أصبحت قوة عجيبة في قدرتها على الربط بين الحزن والصلابة، بين الانتظار والاستمرار في النضال، وهي رغم الاستغراق الشديد في بحر الأسى، ترى بوعي شديد أن هذا الأسى يجب ان لا يقف حالا دون الصمود الدائم:

أنا ما هنت في وطني

ولا صغرت أكتافي

وقفت بوجه ظلامي

يتيما عاريا حافي

حملت دمي على كفي

وما نكست أعلامي

وصنعت العشب فوق قبور أسلافي

أناديكم؟ أشد على أياديكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015