أعني من نسميهم " شعراء الأرض المحتلة "؛ وقد كان لهذه الانعطافة أسبابها القوية، الفردية والجماعية، وكان مما ساعد على استمرارها وإطالة عمرها سهولة الاستجابة لهذا اللون من الشعر، ومحاولة إبقاء جذوة الوعي بالقضية الكبرى حية ملتهبة، إيمانا من الشاعر بأن الإثارة العاطفية هي الجسر المباشر بينه وبين جمهوره، وحسبي أن أورد على ذلك مثالين أثنين، أولهما قصيدة لتوفيق زياد بعنوان " رجوعيات " (?) ، يقول في مطلعها:

دموع هذه الريح التي تأتي من الشرق

محملة هتاف أحبتي الغياب

مذبوحا من الشوق

صريحا عاري النبرات

ملء الأرض والأفق

والقصيدة تضعنا في جو غارق في الحزن، في انتظار العائدين، وهي أحق أن تسمى " بكائيات "، لأنها تستقطب جميع الآلام التي مرت على المنتظر والغائبين خلال أعوام وأعوام، وحين نتذكر أنها نظمت سنة (1966) نجدها نبوءة؟ رغم تشبثها بالأمل واستصراخها لمواطن القوة والصبر والنضال - للهزيمة المروعة التي جاءت بعد أقل من عام، وحين يقول الشاعر:

أناديكم

أشد على أيديكم

أبوس الأرض تحت نعالكم

وأقول أفديكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015