هذه العوامل القابلة للصهر، أو نبذ ما لا يتفق وطبيعتها، ومدى صلابتها، وقدرتها على خوض التجارب، أو مدى قابليتها للانهيار والضعف والتخاذل.

وعلينا أن نتذكر أن ما عددناه من عوامل لم يوضع بحسب قسمة منطقية دقيقة، وإنما هو وليد خواطر مرسلة، وأن بعضه قد يصلح أن يكون نتيجة، وأن كثيرا منه يتفاعل معا، وأن المحك في النهاية هو العلاقة بين العامل الواحد أو العوامل المتكثرة، أو العوامل المتفاعلة المتداخلة وبين نفسية الشاعر وشخصيته. وليس يتم الكشف عن هذه العلاقة أو عن ماها، بطرح بيان من الأسئلة على الشاعر، لأن الشاعر أعطى هذا البيان دون أن يسأل، وشعره هو الذي يتحدث عنه، ومهمة الدارس بعد ذلك هي أن يستنطق هذا البيان ليحدد الاتجاه الواحد أو الاتجاهات المتعددة، وهي مهمة قد تبدو سهلة؟ في الظاهر - ولكنها ليست كذلك في الحقيقة.

لقد قلت: أن ما عددته من عوامل باعثة على خلق الاتجاهات أو بلورتها أو تنوعها ليس من قبيل التهويل، وكنت أعني ما أقول، ذلك لأن الفروض؟ أية فروض - لا بد أن تأخذ باعتبارها كل الاحتمالات أو أكثرها أن كان لا بد لها من أن تكون شمولية أو قريبة من الشمول، فإذا قلنا أن قضية تحرر المرأة لا بد أن تكون ذلت أثر في رسم وجهة شعرية ما، فالفرض صحيح، وعجزنا عن اكتشاف ذلك الأثر ليس دليلا على عدم وجوده، بل أن عدم وجوده أن صح دليل على اختلال في العلاقات الضرورية بين الشعر والحياة. وحين نبارح دائرة الفروض إلى دائرة الواقع علينا أن نأخذ في الاعتبار أمرا هاما، وذلك أن تطور هذا الشعر م يكن دائما على نسق أو حسب خطى منتظمة، وقد يبدو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015