في المزاوجة بين فيوض العقلين اللاوعي، لأنه لا جدال " في أن الجهاز النفسي لدى الإنسان كان موحدا، وأن الشعر وسيلة لإيجاد هذه الوحدة المفقودة ". وهل يرى أن " العجيب " هو قلب الشعر وعصبه النابض، وأنه إذا كان المطلب المحوري لدى الوجودي هو " الحرية " فإن المطلب المحوري لدى السريالي هو " الرغبة "، وتجري في هذا النطاق استفسارات كثيرة عن الميدان العالمي المحبب إلى الشاعر، هل هو علم الاجتماع أو الأنثروبولوجيا أو الفلسفة، وأي فروع علم الاجتماع مثلا، ومن هو رفيقه المفضل من الكتاب: أهو ماكس قيبر أم لفي شتراوس أم هيدجرام؟ بل لعل الباحث حاول أن يتعرف إلى اللون الغالب على قراءات الشاعر: أهو ممن يحب قراءة الروايات والقصص أو قراءة الدواوين الشعرية أو قراءة الكتب العلمية أو يفضل أن يبتعد عن سيطرة الكتاب والأفكار ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وإذا كان يجب قراءة الشعر فهل هو يفضل (مثل السياب) الشاعرة الإنكليزية أيدث سيتول أو الشاعر الإنكليزي ت. س. ايليوت، أو لعله لا يقرأ هذه ولا ذاك، وإنما يحب سان جون بيرز أو يعجبه بابلو نيرودا أو ناظم حكمت.

ليس هذا كله من قبيل التهويل، بل لعلنا أغفلنا؟ رغبة في الإيجاز - عوامل أخرى تحدد اتجاهات الشعر من مثل دور المجلة والصحيفة والجامعة ومؤسسات الإعلام ووسائله، ومدى الاطلاع على النظريات النقدية الحديثة، ومدى صلة الشاعر بألوان التطور في الإخراج المسرحي، والمنتمى جملة دون تفصيل، ونمو المدن، وتضاؤل شأن الحياة الريفية، والاتجاه نحو التصنيع، وغير ذلك من العوامل التي تقوم بدور كبير في حياة المجتمع الحديث. بل لعلنا أغفلنا أهم عامل بين تلك العوامل جميعا وهو " شخصية الشاعر " نفسه، ومدى استقلالها، ومدى قدرتها على صهر بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015