3 - العوامل التي تحدد الاتجاهات الشعرية

كانت الغاية من التحرم بهيكل التاريخ؟ في الفصل السابق - أن نستجلي " نقطة البداية " لا غير، دون أن يكون ثمة إصرار على الاستمرار في هذا السياق التاريخي، وهو سياق طبيعي ممكن، بل يكون أحيانا ضروريا. ولكن الأخذ فيه هنا تحول دونه أسباب كثيرة، أبسطها أن الدواوين الشعرية التي بين يدي ليست جميعا تحمل تاريخ صدورها الأول أو تواريخ القصائد، ولهذا كان لا بد من العدول عن هذا السياق، والانتقال إلى منطقة التساؤل عن العوامل التي رسمت؟ وما تزال ترسم - المسالك والاتجاهات التي سار فيها الشعر المعاصر، وما يزال يسير. سؤال كبير متعدد الجوانب بسبب طبيعة العصر الذي نعيش فيه: عصر متفجر بشتى الأحداث والمشكلات والمبتكرات والقضايا والنظريات والعلوم، متميز بسرعة التحول والتطور في ما يتصل بهذه الشؤون جميعا.

وأحسب أن كثيرين منا حين يلقون هذا السؤال على أنفسهم تتجه بهم خواطرهم؟ أولا وقبل كل شيء - إلى القضية الفلسطينية التي ارتبطت نشأة هذا الشعر زمنيا بها، وإلى ما تمخض عنها من آثار قريبة وبعيدة، من توزيع لأهلها بين من يقطنون خارج الوطن وداخله، وما يواجهه كل فريق منهم من مشكلات، وإيجاد دولة دخيلة تقسم العالم العربي في شطرين، بل تقسم الدول مرة أخرى إلى دول مواجهة ودول بعيدة عن المواجهة، والعواصف الداخلية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015