المضحك " سويني "؟ إلا أننا لا نعتقد أن نازك تأثرت قصيدة اليوت أو أنها كانت قرأتها حين نظمت قصيدتها " الخيط المشدود "، ذلك لأنها اختارت؟ في بناء قصيدتها - منهج التوازي، بينما ذهب اليوت في قصيدته إلى التطابق؟ أو إلى إيهام التطابق - وبين المنزعين فرق كبير. أما قصيدة البياتي فأنها - رغم رفعها للراية الحيادية الاليوتية على نحو ما - لا تصل بمنزع اليوت الشعري ولا تحتذيه، ولعلها؟ من ثم - تنتمي إلى مجال آخر.

وفي سبيل أن نهتدي إلى هذا المجال دعنا نحدد مميزاتها الكبرى: أنها قصيدة رغم التوازي فيها بين المسموع والمنظور، شديد الاهتمام - في ذلك الجو النهاري الحار المشمس - بالمنظور نفسه، وليس المسموع فيها إلا نتيجة للعناصر التي يتكون منها ذلك المنظور، فهي بهذا المعنى صورة كاملة واضحة الجوانب مميزة العناصر، وهي من وجه آخر ثورة على القصيدة التي تلتبس بالحلم، صحيح أن الناس في داخل الصورة الكبيرة يحلمون، ولكن الشاعر نفسه ليس حالما، بل هو واقعي إلى حد أن يكون " طبيعيا " في نقل ما يراه، وهي من وجه ثالث ثورة على أن تكون القصيدة اعترافية، إذ لو اعتبرنا القصائد الثلاث، لوجدنا أن ما يقوله كل من نازك والسياب لا يعدو أن يكون فيضا اعترافيا لمواجد ذاتية في لحظة ما، أو جزءا من تاريخ عاطفي، متخيل أو حقيقي، أما قصيدة " سوق القرية " فإنها لا تؤمن بهذا الاعتراف، ولا تقر به، وهي تتجنبه قدر المستطاع، ثم هي من وجه رابع بداية رؤية للحركة الجماعية وابتعاد عن الذات، ترسم دون أن تنتقد، ولكنها قد تتطور في المستقبل فتجمع؟ في صورة أخرى - بين الرسم والنقد معا في آن.

هذه المميزات تجعل منها تجربة جريئة، لأنها قد تكون نتاج تيارات مختلفة، فالفصل بين القصيدة والحلم يذكرنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015