كانت تبدو كالمشنقة، " كل حرف عصب يلهث في صدرك رعبا " كما أن الخيط كان صورة من المشنقة أيضا، كان " حبالا من جليد "، وقد هرب المحب من مشنقة حقيقية إلى أخرى رمزية، وكانت حياته؟ في نظر الشاعرة - ضرورية ليتعذب ويقاسي أهوال الندم ويغرق في لحج الضياع. وقد كانت الشاعرة قادرة على أن تجعل ذلك الخيط جزءا من الذكريات، فيصير في يد المحب شيء من الماضي، ولكنها أبت حتى ذلك عليه، إذ أنه بعد فراق شهرين، عاد ليرى الخيط وهو لا يدري متى شد في موضعه؟ من شده؟ ولماذا علقوه، أنه شيء لم يكن له في تاريخ الحب علاقة بالمحبوبة، ومع ذلك فقد تعلق به المحب، لعله أن يكون أثرا من آثار تلك التي ماتت، لعله؟ ألم يكن مشدودا إلى شجرة السرو، وهذه الشجرة ترمز إلى المحبوبة، أتراها هي التي وضعته هنالك ليرمز إلى أنها أحكمت ربقة الموت حول نفسها وحول حبها وحول الماضي؟؟ علالة نفس هي كل ما تبقى له من " الحب العميق "، وعدم اتصال الخيط بأي شيء من ذكريات الماضي يعمق مشاعر التشفي والشماتة، ويومئ في سخرية خفية إلى أن المحب حين فقد كل شيء انتحل لنفسه وجود لغز حسبه متصلا بالماضي ليتأمله على البقاء.
وقد قسمت الشاعرة قصيدتها في سبعة مقاطع (أو دورات) ، ولكن هذه القسمة لم تكن ذات قيمة في البناء الفني للقصيدة، لأنها لا تمثل مراحل دقيقة في نموها واسترسالها، ولهذا يستطيع الدارس أن يغفل هذا المظهر دون أن يجوز بذلك على المبنى العام للقصيدة، وهو مبنى قائم في جملته على التوازي المستمر بين شيئين أظهرهما: موت " البطلة " وتحولها إلى جزء من الطبيعة الأم المخصبة تلك الطبيعة ترثي المحبوبة إلى الكون بترديد الخبر عن