موت المحبوبة في القصيدة ضروريا لا لأنه يحقق العقاب وحسب، بل لأنه يبقى على الصورة المثالية دون أن تتشوه أجزاؤها.
وتتكئ القصيدة على عنصر آخر متصل بالعنصر السابق شبه الديني، بل هو يوسع من حدوده، لأنه يجعل الإثارة متصلة بالشعائر مطلقا، أعني بذلك ترديد الكلمة السحرية التي تعتبر مفتاح القصيدة وشارة التحول فيها، وهي لفظة " ماتت " لفظة تنبعث من كل النواحي وترددها الظلمات وشجرات السرو والعاصفات وتصل أصداؤها إلى النجوم؛ وإحساس الطبيعة بهذا الموت، دليل على أن المحبوبة قد أصبحت جزءا من تلك الطبيعة كما أنه دليل على فداحة الفاجعة، هذا من ناحية الدلالة المعنوية أما من حيث تأثير اللفظة في بناء القصيدة فإنها حولت حركتها إلى جمود في كل مكان عن نبضات الحياة وعن حيوية التحليل النفسي، ولهذا شغلت من القصيدة أربعة مقاطع (من بين سبعة) .
ولولا أن الشاعرة أوجدت في قصيدتها عنصرا ثالثا مهما؟ بل أهم عناصرها؟ لتوقف حركة القصة عند نهاية مألوفة، وذلك العنصر هو الخيط، وهو سر تعلق المحب بتفسير ما يظنه من لغز فيه، وهو تميمته (تعويذته) التي استعان بها على طرد أثر الكلمة السحرية " ماتت "، ووجوده هنالك مشدودا في شجرة السرو جعل المحب يهرب من مجال المسموع إلى مجال المنظور، وبدلا من أن تصعقه اللفظة السحرية، بشدة وقعها الرهيب، تلقى " الخيط " عنه لعنتها حين أمسكه وأخذ يبعث به، فغدا أداة " تسريب " للسموم التي كانت تنفثها في نفسه لفظة " ماتت ". ذلك أن حروف لفظة " ماتت "؟ في رسمها