القديمة. نعم أن شيئا من الماضي قد يمكن بعثه في سياق هذا التطور؟ أو على الأصح قد يمكن استخدامه وتحديثه، لا لقيمته للحاضر، ولكنه بهذا نفسه لن يظل ماضيا. ثم أن هناك حقيقة تتصل بما سبق، ويجب ألا نغفل عنها، وهي أن هذا الشعر يمثل جزءا من موجة عالمية طاغية، فإذا لم تكن هذه الوحدة الكبيرة هي التي تمده بالقوة والاستمرار، فإن طغيان الموجة وحده كفيل بأن يدفعه شوطا طويلا. ولدينا في طغيان الموجة المحلية أمثلة كثيرة من شعراء تحولوا بقوتها نحو الشكل الجديد، فكيف إذا كانت الموجة عالمية تغري الشاعر بأن يرتبط بما وراء حدود البلد أو الإقليم ويترجم شعره إلى عدة لغات، ويجد الاعتراف بشاعريته على نحو يتجاوز الرقعة الضيقة؟ وإذا كان لا بد من التمثيل فلنأخذ مثالين بارزين هما الفيتوري وبلند الحيدري بين الشعراء المعاصرين، فقد أصدر الفيتوري ديوانه " أغاني أفريقيا " و " أذكريني يا أفريقيا " وفي الثاني منهما أخذ يتجه نحو الشكل الشعري الجديد، (ليس قبل 1964) مع أن الشكل القديم في ديوانه الأول لم يكن يشكو ضعفا أو قصورا، بل كان يعد من حيث تعبيره عن المشكلات الإفريقية من استعمار وعبودية وتمييز وعنصرية غاية في الاداء، ولكنه تحول؟ ولم يضعف في تحوله، رغم صعوبة ذلك، أما بلند الحيدري فقد كان أول ديوان له هو " خفقة الطين " (1944 (؟)) وهو يمثل طاقة شعرية فائقة، استعاض عنها بلند حين تحول إلى الشكل الجديد بالعمق الفكري، ولكن ذلك العمق لم يستطع؟ فيما أرى - أن يكون بديلا لتلك الطاقة الشعرية.

ورأي أدونيس؟ وأن كان أقرب إلى فهم طبيعة التطور ومتطلباتها - لا يزال يشكو من الطموح المثالي، ذلك أنه إذا كانت " الوحدة المنتظرة هي التي يجب أن تتم بين فن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015