ثوري يرفض البنية الثقافية القديمة في الحياة العربية، ونظام ثوري يرفض بنيتها الاقتصادية - الاجتماعية " (?) فإن عدم تحقق أحد طرفي المعادلة يشل من قدرة الطرف الثاني على أن يتحقق كاملا مثلما يعوق ظهور الوحدة المنتظرة وفي هذا المجال علينا أن نقر بالمرحلية عمليا لا نظريا وحسب، ومعنى ذلك أن نربط بين الواقع والنموذج الفني، فلا نتحدث عن النموذج بحسب ما يجب أن يكون، وإنما بمعيار صلته بالواقع. وهذا أمر قد يقلل من شغفنا بالتنظير المسبق، ويوجه أكثر جهودنا إلى أن ندرس وندقق ونتفحص، ونعلل من خلال الوقائع المعطاة، والحدود والأبعاد التي أبرزها الإمكان. ألم يقل أدونيس نفسه في مراجعة له على مجموعة قصائد نثرية لانسي الحاج: " في مجموعتك صراخ يفتح باب الرعب.. صحيح أن الصراخ قلما يكون وسيلة للشعر، لكنه في هذه اللحظة من تاريخنا قدر نفسي يحكمنا " (?) ، أن الصراخ؟ لن يكون بأي منطق - وسيلة للشعر، ومع ذلك فقد قلبه أدونيس لأنه " قدر نفسي " لبعض الناس في مرحلة تاريخية، وهناك مستويات أخرى كثيرة يحاكمها أدونيس بمنطق " المثل الأعلى "، ولابد هنا، من موقف موحد، لا يتطرف إلى هذه الناحية أو تلك بحسب المزاج أو إيحاءات اللحظة العابرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015