ومن يدرس الشعر الحديث لا تخطئ عيناه فيه اتجاهه إلى التصرف، بقوة، حتى ليغدو الاتجاه الصوفي أبرز من سائر الاتجاهات في هذا الشعر، ولعل ذلك راجع إلى طول عملية التقدم والتراجع في الحياة السياسية، واليأس الغالب والسأم من متابعة الكفاح، كما ان هناك قسطا من التصوف يربط بين الاتجاهات الثورية المتقدمة، ثم أن هذا الميدان خير ميدان تتفتح فيه ذاتية الشاعر وفرديته، فهو ينفصل عن المجتمع ظاهريا، ليعيش آلامه؟ التي هي نفسها آلام المجتمع - بوجد مأساوي، ثم أن في هذا اللون من التصوف محاولة للتعويض عن العلاقات الروحية والصلات الحميمة التي فقدها الشاعر، وتلطيفا من حد المادية الصلب الخشن. ونحن نجد مظاهر هذا التصوف في:

1 - الحزن العام الهادئ اللائب، المتطور عن الحزن الرومنطيقي القديم، ويبدو هذا أكثر ما يبدو في رمز الجواب الذي يعود مثقلا بالخسارة.

2 - الإحساس بالغربة والضياع والنفي والحاجة إلى العكوف على النفس، في مجتمع كثير الضجيج، كثير التمسك بالقيم اليومية، شديد الجحود لفضل " أنبيائه ".

3 - اتحاد الشاعر بالرموز المثقلة بالتضحية وارتياح الشاعر إلى عالم الأرواح، عالم الخلود.

4 - اتحاد الصوفي والشهيد في التراث (الحلاج. السهروردي؟.) .

5 - اتحاد الشاعر والشهيد المقاتل على نحو مجازي وحقيقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015