كان الالتزام مرتبطا بالثورة، وأن أوحت كلمة " التزام " بتقبل مواصفات معينة، كأنها آتية من الخارج، إذ أن هذه المواصفات قد تكون ثورية وقد تكون غير ذلك. ولكن أية ثورة نعني؟

لنأخذ ثورتين متصلتين اتصالا وثيقا بتطور الشعر الحديث، وبرسم الوجهات التي يسير فيها، وهما الثورة السريالية والثورة الماركسية، فماذا نجد؟ نجد أنهما رغم التقائهما في بعض الأصول والظواهر تفترقان في أمور جوهرية، فالاولى ثورة من خلال المشاعر، والحلم واشعر والجنون، بينما الثانية ثورة عملية تعتمد تنظيما واعيا وتؤمن بأن العمل هو الرابطة بين الإنسان والطبيعة، وتحتكم إلى التاريخ، بينما يرفض السرياليون التاريخ، ولا يؤمنون بأي موجه يجيء من خارج الرغبة الإنسانية. وما دام التحويل للمجتمع ماديا هو الذي يخلق أشكالا فكرية لم تكن في الحسبان؟ في رأي المادية التاريخية - فإن المنادين بالثورة الماركسية يعتقدون أن الثورة هي المهمة الضرورية الوحيدة للإنسان، وهذا شيء لا يأخذ به السرياليون لأنهم يرون الثورة إحدى المهمات الإنسانية، وحسب، وإذا كان الفن؟ أو الشعر - جزءا من النشاطات الإنسانية التي تحقق تلك الثورة لدى الماركسيين، فإنه لدى السرياليين عالم قائم بذاته، صنو للثورة، وقد يسعفها في بعض المراحل، إلا أنه يجب إلا يصبح أداة فيها.

هذان تياران ثوريان يفعلان بعمق في الشعر العربي المعاصر، وينبنيان قضية الالتزام، فإذا أضفت إليهما تيارا ثوريا ثالثا يأخذ من هذا وذاك، وهو التيار الوجودي، ويبني مفهومه للأدب والشعر على أساس من الالتزام أيضا، وضح لك، أن تطبيق مفهوم الالتزام لن يتحدد في شكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015