كالرعد، حافيا كواحد منهم " يزحف الأيام بالأقدام والأيدي ".

وهذا الذي يتحدث عنه ممدوح ينبئنا؟ بكل صراحة - أن الصراع بين الفرد والمجتمع، ليس تعويضا عن السير في المجتمع، حين يأخذ المد الطاغي مجراه، وقد نقول أن ممدوح عدوان قد بسط المشكلة، ووضعها في جو شعري، مصورا مرحلتين متعاقبتين: مرحلة الاغتراب، ومرحلة وجدان الهوية الاجتماعية. فكيف يكون الوضع بالنسبة لشاعر كان يجد هويته أولا ثم بسبب عوامل متعددة أحس بالاغتراب من بعد، وبفقدان تلك الهوية؟ المشكلة هنا تمثل أزمة غير التي يتحدث عنها ممدوح، لأنها ليست مجرد صراع متافيزيقي بين صفاء الشاعر وكدر العالم، ذلك الصراع المتافيزيقي يعني أن كل شاعر أصيل لا يستطيع أن يعبر عن مجتمعه قبل أن يكتشف أبعاد ذاته، ويبدو أن ليس بالتالي من تناقض حاد لأن المجتمع ليس بحاجة إلى أفراد (فنانين أو مفكرين) ليست لهم هويات مميزة داخل ذلك الإطار الاجتماعي الكبير.

ويبدو لي أنه لا بد لوضع هذه القضية في موضعها الصحيح من أن نميز؟ في الصراع بين الفرد والمجتمع - مواقف متفاوتة: فهناك الغربة (أو الاغتراب) وهناك الثورة على المجتمع، وهناك العزلة الكلية عن المجتمع. فالغربة تتم في نطاق المجتمع (لا خارجه) ، ولهذا فإنها رغم ما يصاحبها من الآم وخيبة، لا تحول بين صاحبها وبين خدمة المجتمع، والثورة ليست سوى اصطدام بالنقائض التي يعاني منها المجتمع، وليست محاولة لتحطيمه، وإنما هي محاولة لتنبيهه أو إيقاظه أو تطويره، والثائر في مثل هذه الحال، يصارع من أجل أن يحقق الانسجام الاجتماعي، على نحو أشد فعالية من المغترب، وأن كان مطلب الاثنين واحدا، وقد يكون التأقلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015