وفيقة هي (يورديسه) وأن الشاعر هو أورفيوس، الذي خانته رجلاه، فهو لا يستطيع أن ينزل إلى العالم الآخر، ليعود بصاحبته. تغيير طفيف لكنه غير طبيعة القصيدة تماما، ومن المؤلم أن يكون ذلك على حساب العجز الذي كان يعانيه السياب.
وتحتل قضية الانبعاث والتجدد في شعر خليل حاوي، المنزلة الأولى، ذلك أنه كان من قدر الشاعر الحديث، أن يكون، رغم النكسات الكثيرة التي ألمت بأمنه، متفائلا، وأن يستشرق من خلال الواقع المظلم؟ مستقبلا أنضر، رغم ما تقدمه قصيدة لعازر من شهادة مخالفة. ولكن حاوي يختلف اختلافا جذريا عن السياب في معالجة الأسطورة، فهو لا يستمد الأسطورة الجاهزة، على حالها، وإنما يبينها بناء جديدا، فالسندباد قديم ولكن وجوه السندباد، والسندباد في رحلته الثامنة، تمثلان أسطورة جديدة، أسطورة الإنسان المعاصر، في الصراع بينه وبين معوقات الزمان والمكان، ومحاولته للتخلص من ثقل التجربة التاريخية، والانطلاق إلى رحاب أوسع.
ورغم استعلاء " الواحد " في قصائد حاوي الأولى، إلى محمل من التركيب " الثلاثي "؟ في القصيدة - (أنظر البحار والدرويش وليالي بيروت) فإن هذا الواحد من بعد، هو الشاعر، هو المنقذ، هو الشعب، الذي سنبعث قويا، ليغير وجه التاريخ؟ وبذلك تتطابق الفردية والجماعية بحيث لا يمكن الفصل بينهما؛ ومن وجهة أخرى فإن حاوي؟ رغم إيمانه العميق بالتقدم الحضاري - يحس إحساس الريفي الأصيل في بعض اللحظات، أن البراءة التي تمثل الحيوية الطبيعية وتستطيع الاندماج بها إنما تتمثل في مرحلة شبه بدائية، وأن المدينة التي قيدت بالشرائع والمواصفات، عالم معقد، لا تستطيع الحيوية البكر أن تفقهه، وأنه في