شكل " غول " فذلك يعني التباسه بالزمن النتافيزيقي، الذي ينفصل في صورة قوة خارجية تهدد الوجود الإنساني. ويبدو التطابق بين التاريخ والزمن واضحا في أكثر تلك الصور، ففي قوله: حجر فيه ماء تمتصه الشمس وتحيله بخارا ثم يعود حجرا أو دوامة تغرف من ماء النهر لتعود وتصبه فيه، ربط بين فكرتي الدورات في كل من الزمن والتاريخ.
ومن المفيد أن يقارن المرء صورة التاريخ (الزمن الماضي) وانعكاساته في المرآة، بصورة الزمن الحاضر أو مرآة القرن العشرين، فإنه يجد أن رموز الماضي من المتحولات في الأغلب، أما صور القرن العشرين فإنها من الثوابت: تابوت؟ كتاب؟ وحش؟ صخرة، كما أنها جميعا مرتبطة بالقدرة على التحطيم، ومع أن التابوت يلبس وجه الطفل، والوحش يتقدم حاملا زهرة، فإن في ذلك مبالغة في الدلالة على الوجه الخادع الذي يلبسه الزمن الحاضر (أو الحضارة الحديثة والتاريخ الحديث) .
(4) التراث الأسطوري:
تحتل الأسطورة مقاما هاما في كثير من العلوم الإنسانية الحديثة، ويرى بعض علماء الانتروبرلوجيا (مالينوفسكي مثلا) أن لفظة أسطورة لا تنطبق إلا على ما نبع عند البدائيين من " حكايات " لإرضاء حاجات دينية عميقة، أي أنها تعبير ديني اجتماعي، وكل ما عدا ذلك مثل القصص التي تروى عن أرباب اليونان وما شابه ذلك فإنما هي لون من الحكايات الشعبية لا الأساطيل، ولكن دارسي الأدب لا يقفون عند هذا التحديد الصارم، وإنما يتقبلون في نطاق " الأسطورة " أشياء كثيرة لا يقبلها بعض علماء الانثروبولوجيا، وحين استعمل كلمة " أسطورة " في هذا المقام فإني أنظر إلى معناها الواسع.