ثم أن إتقان هذه الشاعرة للعروض وتمرسها بالتغيرات المختلفة في البحور والأوزان كان يعد ضرورة لسببين: أولهما أن التمرس بالعروض يجعل " لعبة الشكل " جزءا من هواية ممتعة، وثانيهما أن إتقانه كفيل بالتأييد النظري للتجربة، ولعل هذه هي الرابطة الممتدة؟ في نظري - بين الانطلاقة الشعرية والموشح، فقد بينت عند الحديث عن العوامل التي ساعدت على نشأة الموشح شغف الأندلسيين بالعروض، تعلما وتجربة، وتباري الأساتذة والطلاب في ميدان النظم على ما يسمى " الاعاريض المهملة " أي التفعيلات التي قدر الخليل جواز وجودها، ولكن العرب لم ينظموا عليها (?) ، والحق أن الشعر الحديث لم يحاول أن يستمد في بناء القصيدة من الأعاريض المهملة وإنما أعتمد التنويع في بعض الأبحر المستعملة، فهو من هذه الناحية أشد محافظة من الموشح، وما ذلك إلا لضيق الشعراء المعاصرين بالعروض وتشقيقاته الكثيرة وتفريعاته، واستسهالهم لركوب ما يركب من بحوره، دون أن يسلموا في ذلك من كسر الوزن جهلا به، لا تحديا له (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015