طالما ظن الرجل أنه يحسن التعبير عنها أو التغلغل إلى إدراكها وللمرأة في تقبل البدعة حظ كبير، أضف إلى ذلك أن البدعة الجديدة تبعث لديها شعورا بالتفوق بسبب الاهتداء إلى كشف جديد، ثم أن هذه البدعة في شكلها الجديد تخلصها من إيقاعات البطولة الرجولية في شعر الرجال، تلك الإيقاعات التي تصبح زورا على الواقع إذا لم يكن لها في حاضر الأمة أعمال توازيها، وقد انسحب زمان طويل وإيقاعات البطولة تردد فيما ينظمه الرجال من شعر، ومن ثم تحول كثير من ذلك الشعر كلام أجوف، ومن الطبيعي أن يتوجه الشعر إلى منطقة أخرى وإيقاعات مختلفة، ويصبح حديث نفس لذاتها، وظهوره على أثر الإعجاب بما سمي " الشعر المهموس " دليل على أن حديث النفس، أصبح من مستلزمات التصور لحقيقة الشعر، ولا ريب في أن توجه " عاشقة الليل " أعني الفتاة المتوحدة التي اختارت العزلة والصمت نحو الإحساس بضرورة التنويع في حديث النفس أمر طبيعي. ولا بد هنا من استدراك صغير: فإن قولي بحاجة المرأة إلى التعبير عن مشاعر خاصة بها على نحو تلويحي إنما يتناول البداية فقط وظروفا خاصة في حياة الشاعرة التي ابتدأت الانطلاقة الجديدة، أما بعد البداية فقد أصبحت المرأة في بعض المواقف أجرأ من الرجل وأقدر على تحليل دقائق الرغبات، وذلك أمر إنما أشير إليه وحسب، وربما لم يتح لهذه الدراسة الموجة أن تتناوله بوجه ما (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015