العربي، يقف اليوم على حافة تطور جارف عاصف لن يبقي من الأساليب القديمة شيئا فالأوزان والقوافي والأساليب والمذاهب ستتزعزع قواعدها جميعا، والألفاظ ستتسع حتى تشمل آفاقا جديدة واسعة من قوة التعبير، والتجارب الشعرية " الموضوعات " ستتجه أتجاها سريعا إلى داخل النفس بعد أن بقيت تحوم حولها من بعيد ". ومن طبيعة التطور " الجارف العاصف " أن يتدفق دون كبح، وأن يسترسل دون توقف، وأن تضعف فيه المراجعة والنقد الذاتي، لأنه في سرعته لا يدع وقتا أو مجالا لذلك، وهو حقيق أن يحتقب كثيرا من الزيف، وأن يفسح المجال للنهازين، وأن يفاجئ بالتحولات المستمرة، وأن يصبح الجديد فيه بعد وقت قديما يتطلب تجديدا وهلم جرا، وأن يسخر بالحدود والقواعد وأدوات اللجم والترويض، وحين شاءت نازك أن تضع في كتابها " قضايا الشعر المعاصر " (?) بعض القواعد النقدية، وأن تفرز الصالح من غير الصالح في ذلك الشعر، كانت الموجة أقوى من أن أصدها أناة النقد، ورزانة الفكر التنظيمي.
غير أن ظهور بدايات هذه الانطلاقة الشعرية وسندها بالقواعد المؤيدة على يد شاعرة؟ لا شاعر - تتقن العروض وتحسن التمرس بتغيراته المختلفة وتستمد بعض الإيحاءات من إطلاعها على أدب أجنبي، كل ذلك يشير إلى أمور يحسن أن نتنبه لها: فمن الواضح أن الدافع إلى ارتياد تجربة جديدة إنما كان هو محاولة التغلغل إلى أعمق أعماق النفس - في مجتمع لم يتعود صراحة في التعبير عن مشاعرها - ووضع ذلك التعبير على نحو تلويحي تقريبي، خاص بالأنثى حين تريد أن تحلل مشاعر خاصة بها،