6 - الموقف من التراث
في موقف الشاعر من التراث تتضح معالم الثورة، ومن ثم الحداثة - بأكثر مما تتضح في موقفه من الزمن أو من المدينة، وأن كان المفهوم المطلق للحداثة يفترض أن تربط المواقف الثلاثة معا، متكاملة. وقد كانت الثورة التي قام بها الشاعر المعاصر؟ على الشكل الشعري، أول الأمر - خطوة تمهيدية، لم تغير كثيرا من طبيعة الشعر، وأن غيرت في بعض موضوعاته ومجالاته، ووسعت من حدوده لتقبل تيارات معاصرة مختلفة، فلما أخذ الشاعر يتساءل عن مدى ارتباطه بالتراث؟ ومن ثم بالماضي وبالتاريخ - أصبح على أبواب ثورة جديدة تشكك في مدى أهمية ما حققته الثورة على الشكل.
ونظرا لأهمية هذا الموقف وحساسيته البالغة لا بد من أن يعالج في هدوء وأناة، وفي سبيل ذلك لا بد من أن تقرر أوليات ضرورية، فمن الواضح؟ وذلك أمر متصل بالبدهيات - أن الذين يدعون إلى الثورة على التراث يدركون مدى حضور الماضي في الحضارة الحديثة - عمدا لا عفوا - في صورة معالم أثرية كبرى ومدونات كتابية ومتاحف وبحث عن الآثار ومناهج جامعية لدراسة تاريخ كل شيء: (تاريخ الفلسفة، تاريخ العلوم، تاريخ الأدب، تاريخ الاقتصاد؟) وغير ذلك من صور تجعل الماضي حيا في الحاضر، ليقل من شاء: هذه " رومنطقية "، ولكنها رومنطقية إنسانية، ليست وقفا على الأمة العربية، تنبع