وكثيرا ما تساءل الدارسون: من هو الرائد الأول في هذا المضمار، إذ كانت الأسبقية للاهتداء إلى الشكل الجديد متنازعة بين نازك والسياب (?) ، وأرى أن هذه المسألة؟ على هذا النحو - طفيفة القيمة، لأن محاولات كثيرة تمت قبل ذلك، وكان أكثرها؟ كما قلت فيما تقدم - استطرافا أو تجربة عابرة، ولعل نازك أول من شمل هذا الكشف بالإيمان العميق والوعي النقدي الدقيق، في مقدمتها على ديوان شظايا ورماد (1949) ، ويبدو أن هذه المقدمة هي التي أوجدت للتيار الشعري الجديد مسوغاته الفكرية، وقرنت بين التجربة العملية والسند النظري، ومن اللافت للنظر أن نازك حين شاءت أن تعلل ضرورة شيء من التحرر من قيود الشكل القديم ربطت ذلك بفكرتي الإيحاء والإبهام اللتين تحدثت عنهما في مطلع هذا الفصل، فاتهمت اللغة العربية بأنها لم تكسب بعد قوة الإيحاء، ودافعت عن الإبهام لأنه " جزء أساسي من حياة النفس البشرية، لا مفر لنا من مواجهته أن نحن أردنا فنا يصف النفس ويلمس حياتها لمسا دقيقا "، فكانت بهذا الموقف تجمع بين طرفي الثورة، والتقرر نهجا شعريا يتجاوز التغييرات الشكلية الخالصة ليتبنى؟ في تسامح - المؤثرات الرمزية التي تمثلها قصيدة " إلى زائرة " والإيحاءات السريالية التي تبشر بها قصيدة محمود حسن إسماعيل، وحين ربطت بين الحلم والشعر فتحت باب اللاوعي على مصراعيه دون احتراس.
وفي تلك المقدمة نفسها عبرت نازك؟ دون تحفظ أيضا - عن إيمانها المطلق بضرورة الشورة الشعرية، وبالتغيرات التي ستحدثها، وكانت تبدو في ذلك على استعداد لتقبل تلك النتائج أيا كان لونها حين تقول: " والذي أعتقده أن الشعر