رأيت في عيونها الطفولة اليتيمة

ضائعة تبحث في المزابل

عن عظمة، عن قمر يموت فوق جثث المنازل

رأيت إنسان الغد المعروض في واجهة المخازن

وقطع النقود والمداخن

مجللا بالحزن والسواد

مكبلا يبصق في عيونه الشرطي واللوطي والقواد

رأيت في عيونها الحزينه

حدائق الرماد

غارقة في الظل والسكينه

وعندما غطى المساء عريها

وخيم الصمت على بيوتها العمياء

تأوهت، وابتسمت رغم شحوب الداء

وأشرقت عيونها السوداء بالطيبة والصفاء.

لست أظن أن هذه القصيدة بحاجة إلى تحليل، فهي صورة للمدينة سواء أكانت شرقية أو غريبة، ولعل القارئ يستطيع أن يقارن بينها وبين قصيدة أخرى للبياتي بعنوان " مرثية إلى المدينة التي لم تولد " (?) ، فإن هذه الثانية شرقية خالصة، ولعله أيضا يستطيع أن يجمع إلى هاتين القصيدتين صرخة البياتي في وجه الحضارة (وابنتها المدينة) في قصيدته " حضارة تنهار " (?) ونبوءة المتنبي بانهيار تلك الحضارة (?) ، فإنه بذلك يستطع أن يدرك مدى النفور الذي أحسه البياتي إزاء كل حضارة متعفنة، بسبب من موقفه الأيديولوجي، فهو يقول في القصيدة الثانية؟ على لسان المتنبي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015