إنك في كل ذلك تجد صورة واقعية قاهرية، ولكن هذه الصورة ليست سوى أداة، لغرض أكبر، تتحدث عنه القصيدة حين تقرأ مكتملة.

مرة واحدة تتحول هذه الأداة عند دنقل إلى مفارقة صارخة، حين يتحدث عن السويس التي كانت تعاني الغارات والتعتيم والحرائق والموت، ويقارن بين السويس التي نعم بحياة السلم فيها، وزار أوكار البغاء واللصوصية:

عرفت هذه المدينة

سكرت في حاناتها

جرحت في مشاحناتها

صاحبت موسيقارها العجوز في تواشيح الغناء

رهنت فيها خاتمي؟ لقاء وجبة الهشاء

وابتعت من " هيلانة " السجائر المهربة

وبين القاهرة التي لا تبالي بما جرى على أختها:

هل تأكل الحرائق

بيوتنا البضاء والحدائق

بينما تظل هذه " القاهرة " الكبيرة

آمنة قريرة

تضيء فيها الواجهات في الحوانيت وترقص النساء

على عظام الشهداء!!

وفي رفع هاتين الصورتين على مستوى واحد، كان أمل دنقل؟ بكل واقعية - يرسم التحلل الذي يعانيه المجتمع المديني، والتفسح في مدى المشاركة العاطفية بين مدينة وأخرى؟ في القطر الواحد - دون أن يبرئ نفسه من أنه هو أيضا سار في ركب الضائعين المنتشين بلذائذ المدينة، في وقت السلم، مع فرق واحد، هو أنه قد استيقظ على مأساة السويس، حين ظل الآخرون سادرين في السعي وراء لذاتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015