لا لن أعود
لا لن أعود ثانيا بلا نقود
يا قاهرة
كما أنه لعجزه عن دفع أجرة الغرفة التي يسكنها يتعرض للطرد، ويعود من جديد إلى الضياع بين الحيطان العملاقة، ويعود من جديد إلى الضياع بين الحيطان العملاقة، والشوارع اللابرنثية.
غير أنه في المدينة لم يلبث أن اكتشف " الإنسان " كان في مبدأ أمره لا يلفته إلا من كان ضائعا مرهقا مثله: كالصبي القروي الذي وفد إلى المدينة يحمل سلة ليمون ولا يعبأ به وبليمونه أحد، وكالكلب اللاهث في الشارع.. الخ، وكان يحس أنه لا بد أن يعود إلى القرية، بل هو (عكسا للنزعة الاجتماعية السائدة) يدعو حبيبته؟ بنت المدينة - لتذهب معه إلى الريف، وكان يقدر أن الريف هو محور اهتمامه أو لا بد أن يكون كذلك، وأن أهله الطيبين هم الناس لذين يكتب لهم وينذر من أجلهم " قوة الكلمة "، فوجد أن لهم أشباها كثيرين في المدينة، فلماذا لا يكتب للإنسان الذي اكتشفه في كل مكان؟ زمن ثم اتسع العالم الشعري لدى حجازي وتعددت آفاقه، فاحتضن مدنا كثيرة في البلاد العربية.
نعم ظل حجازي؟ بين الحين والحين - يعاوده الضيق من المدينة ومن جمود مشاعرها، ظل يرهب شوارعها ويقف عند المفارقة: بين شدة الزحام وانعدام " الناس "، حيث لا نظرة إشفاق، ولا اكتراث، وظل يستيقظ لديه حنين الريفي إلى الحقول؟ حيث لا ازدحام، ولا اصطناع للزرع في آنية النحاس:
هنا المدى لا يعرف الحراس
هنا أنا حر
هنا الطيور تستطيع أن تطير