أن يقال أن موت السياب؟ أبي الشعر الحديث من كل وجه وفي كل مجال - كان منقذا من الإجابة على هذا السؤال، أن لم يكن هو نفسه ذلك الجواب.

وقد أصيب حجازي بالمرض الذي عانى منه السياب إزاء المدينة، ولكن تجربته لم تكن مزمنة، كانت مرحلية وكانت أشمل من تجربة السياب في تفصيلاتها لأنها لم تكن مقتا متأصلا وإنما كانت استكشافا متدرجا، أما على المستوى الفني فقد كانت ممهورة بشيء غير قليل من الفجاجة، ذلك أن لبوسها ثوب البدائية في التعبير قد يكون عذرا عن شاعر ناشىء، ولكنه لا يصلح أن يكون كذلك - في النظرة الكلية - وقد كان حجازي حين أنشأها - شاعرا ناشئا دون ريب. (إن السؤال: هل استطاع حجازي أن يتجاوز ذلك المستوى؟ أمر خارج عن حدود هذا الفصل) .

ولكن مما يميز هذه التجربة؟ حقا - أنها لا تستحي من سذاجة الريفي وبراءته، فهي قد تبدأ؟ أو تنتهي - بالإنسان الغريب الذي يسأل: أين يتجه:

يا عم

من أين الطريق

أين طريق السيدة؟

وهي تمضي لتصور الخوف من الزحام، والخشية من وسائل المواصلات الحديثة:

لكنني أخشى الترام

كل غريب ها هنا يخشى الترام

والخوف من الغربة التي تلتهم كل قادم " غريب في بلاد تأكل الغرباء " وتخشى نهاية الطريق لأن النهاية فيه غامضة، وهي تجربة تعيش ليل المدينة " سرعة حمقاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015