وترسل النواح: يا سنابل القمر
دم أبني الزجاج في عروقه انفجر
فكهرباء دارنا أصابت الحجر
وصكه الجدار، خضه، رماه لمحة البصر
أراد أن ينير، أن يبدد الظلام فاندحر.
وحين تتحد بغداد والسيطرة اليسارية، تستيقظ عاموره:
وتعصر الدروب كالخيوط كلها
في قبضة مارده
تمطها، تشلها
تحيلها دربا إلى الهجير
ويتحول الناس إلى تماثيل من طين، أو إلى صور مقطعة الأوصال كأنها أحلام المجانين، وتشكل بغداد ولكن في صور متشابهة، فهي حينا مأوى سربروس (الكلب المتعدد الرءوس) وهي حينا بابل التي تشكو الجفاف ولا تنجع فيها القرابين والصلوات، وهي حينا آخر بابل القديمة ذات الجنات المعلقة إلا أن زرعها رءوس:
أهذه مدينتي؟ جريحة القباب
فيها يهوذا أحمر الثياب
يسلط الكلاب
على مهود أخوتي الصغار والبيوت
تأكل من لحومهم، وفي القرى تموت
عشتار، عطشى، ليس في جبينها زهر؟.
بإيجاز: حتى النهاية لم تستطع السياب أن تقيم جسرا من التفاهم؟ أو المودة - بينه وبين المدينة التي قضى فيها أكثر عمره، ترى لو امتد العمر العمر بالسياب ليتمثل؟ حقا - معنى تغير جيكور واندثارها إزاء هذه الصورة القائمة لبغداد والعجز عن التعايش معها، كيف كان يكون الحل؟ أهو الانتحار؟ أو هو الهجرة؟ أو هو اللجوء للتسويغ؟ من المؤسف