يستدل بها على معنى آخر يستبطن معناها في سياقها العام, ومن هذا النوع من التفسير ما استدل به العز بن عبد السلام على صحة أنكحة الكفار من قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} 1 ومنه أيضا ما استدل به المفسرون من قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} 2 بأنه "عبر عنه بهذه العبارة إشارة إلى جهة وجوب المؤن عليه؛ لأن الوالدات إنما ولدن للآباء ولذلك ينسب الولد للأب دون الأم"3.

هذا هو التفسير الإشاري السليم بقسميه, فهم لا يعكر معنى ولا يخالف نصا ولا يجافي لفظا بل يستمد مقوماته من النص الماثل أمامه من غير تحريف ولا تأويل خارج عن حدود الدين واللغة, وهو الذي تدل عليه النصوص والأدلة التي استدلوا بها لصحة التفسير الإشارى إذ هذا هو ما تدل عليه.

أما النوع الذي يجب أن نفرق بينه وبين التفسير الإشاري فهو التفسير الرمزي, وهو التفسير الذي سلكه الصوفيون وهم يحسبون أنهم يسلكون الأول وما هم بسالكيه.

ذلكم أن التفسير الرمزي تفسير صوفي يعتمد في سبيل الوصول إلى المعرفة على منهج قوامه الوجد والذوق والترقي في مقاماتهم, حتى يصل المتصوف مقام العرفان فتفيض عليه -بزعمهم- مكنونات العلم وأسرار المعرفة, بل يصل إلى أبعد من هذا فتفوض جملة الأمور إليه بحيث لا يسقط ورق من شجر إلا بإذن وكتاب وأجل منه, وليس وراء هذه مقام ومرتبة4.

ولأن تفاسيرهم لا تخضع لقاعدة ولا لأصل, بل تختلف باختلاف مقام الصوفي ومواجده وذوقه؛ لذا "تختلف تفسيراتهم اختلافا شديدا لا يمكن حده أو النظر في أبعاده"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015