جنة الشهود:

وإن شئت أن تعرف بعد هذا رأيه في ثواب التائبين قبل ثواب الآخرة, فقد أورده عند تفسيره لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 1 فقال: "وقد ذاق العارفون حلاوة هذا السر, فرجعوا من الأكوان إلى المكون ورجعوا من أنفسهم إلى بارئها, ومن رجع إلى الله بالتوبة فقد وصل إلى الله وقامت قيامته ونصب له الميزان ودخل جنة الشهود وسيدخل جنة النعيم, إن شاء الله بغير حساب"2.

إيلام الحواس:

ذلكم أن المؤلف جرى على نهج الصوفية في اعتقادهم أن إيلام الحواس يوصل العبد للصفات الملكية, وهذا ما زعمه عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} 3.

فقال: "والمراد بالجوع الصيام, فإنه يؤلم البشرية ويوصل العبد للصفات الملكية, بل يرفعه إلى الحظائر القدسية" إلى أن قال: "ومن هذه الآية عرف أهل الطريق أن الحس لا يأخذ العبد بشهادته وحكمه فهو كثير الخطأ يرى: اللذة في الأموال والأنفس والثمرات والحق تعالى يراها في المؤلم للحس والمخوف للنفس, فالحس قاطع لطريق الآخرة محجوب بمناظره وظواهره. فكل مؤلم فيه خير كما قال الحكماء: كل مر دواء ومتى انكشفت تلك الحقائق يسجد العبد شكرا لله على عنايته به في البلاء وترتفع ستائر عن النتائج؛ فتزول المرارة وتحل محلها اللذة والبهجة والسرور"4.

ومما لا شك فيه أن هذا ليس هو منهج الإسلام الذي أطلق ميزانه بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015